Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

نظام المعاملات المدنية يكرّس الحق في التعويض عن الضرر المعنوي

يثير موضوع التعويض عن الضرر المعنوي اهتمامًا كبيرًا في الأوساط القانونية والشرعية، حيث يعد من القضايا التي أثارت نقاشات مستمرّة واختلافات في التوجه بين الفقه و فقه القضاء. و يعتبر هذا الموضوع محور أبحاث وأوراق علمية، حيث أسال الحبر من حيث مدى أحقية التعويض عن الضرر المعنوي، ومدى إمكانية تقديره وفقاً لمعايير قانونية محددة.

مضمون الضرر المعنوي: ويطلق عليه أيضًا الضرر الأدبي، ويُعرف لدى الفقه القانوني بأنه المساس بمصلحة أو بحق غير مالي، ويذكر الدكتور عبد الرازق السنهوري في مؤلفه “الوسيط في شرح القانون المدني” بأن الضرر الأدبي قد يتمثل فيما يلحق بالشخص من المساس بسمعته وشرفه واعتباره.

وعليه فإن الضرر المعنوي لا يتمثل في المساس بالكيان المالي للشخص وإنما يتمثل في الجانب الأدبي له، ولعل المثال الأبرز على ذلك هو ما يحدث في جرائم السب والقذف وتشويه السمعة وغير ذلك من الأضرار التي لا تصيب الشخص في ماله

موقف المشرع السعودي من التعويض عن الضرر المعنوي: حتى وقت قريب وبالتحديد قبل صدور نظام المعاملات المدنية الجديد سنة 2023 لم يكن للتعويض عن الضرر المعنوي ضابط واضح في النظام السعودي، ولم يكن القضاء يتصدى للفصل في تلك المسألة لصعوبة تقدير حجم هذا النوع من الضرر على عكس الضرر المادي، ولكن مع صدور نظام المعاملات المدنية أصبح موقف المنظم السعودي واضحًا في تقرير الحق في التعويض عن الضرر المعنوي.

مسألة تقدير التعويض: أعطى المشرّع السعودي السلطة التقديرية للمحكمة في تقدير التعويض عن الضرر المعنوي، ووضع بعض المعايير التي يمكن أن تأخذها المحكمة بعين الاعتبار أثناء تقدير التعويض، حيث نصت الفقرة الرابعة من المادة 138 من النظام على أنه: “تقدر المحكمة الضرر المعنوي الذي أصاب المتضرر، وتراعي في ذلك نوع الضرر المعنوي وطبيعته وشخص المتضرر”.

و تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ نظام المعاملات المدنية هو ثالث المشاريع العدلية التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والتي تعتبر قفزة نوعية في المجال التشريعي السعودي و ذخرا للأجهزة العدلية.

إذ يهدف نظام المعاملات المدنية إلى تنظيم أحكام العقود والمعاملات المالية بين الأفراد، وتحديد المصادر التي ينشأ عنها التزام شخص تجاه آخر.و يتضمن هذا النظام أحكاماً للتعويض عن الضرر في حال وجود فعل يسبب ضرراً للغير، مثل الإضرار بالممتلكات أو الإضرار بالنفس، وتحديد القواعد التي تحدد مقدار التعويض الذي يستحقه المتضرر.

وقد أوضح النظام أن التعويض يكون بما يجبر الضرر كاملا، وذلك بإعادة المتضرر إلى الوضع الذي كان عليه أو كان من الممكن أن يكون فيه لولا وقوع الضرر، كما أن الضرر الذي يلتزم المسؤول بالتعويض عنه يقدّر بقدر ما لحق المتضرر من خسارة وما فاته من كسب، إذا كان ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار، ويقدر كذلك إذا لم يكن في وسع المتضرر تفاديه ببذل الجهود و العناية اللازمة لدرء المضرّة.

وجدير بالذكر أن التعويض عن الضرر المعنوي ينطوي تحت طائلة التعويض عن الفعل الضار، ويشمل الضرر المعنوي ما يلحق الشخص الطبيعي من أذى حسي أو نفسي، نتيجة المساس بجسمه أو بحريته أو بعرضه أو بسمعته أو بمركزه الاجتماعي، ولا ينتقل حق التعويض عن الضرر المعنوي إلى الغير إلا إذا تحددت قيمته بمقتضى نص نظامي أو اتفاق أو حكم قضائي، وتقدر المحكمة الضرر المعنوي الذي أصاب المتضرر، وتراعي في ذلك نوع الضرر المعنوي وطبيعته وشخص المتضرر.

إن التعويض عن الضرر يستند في مصدره إلى أحكام قاعدة الضمان المقررة في الفقه الإسلامي، وقد تناولتها الأنظمة والتشريعات الوضعية تحت مسمى “المسؤولية التقصيرية”، وينقسم الضرر إلى نوعين: ضرر مادي، وضرر معنوي، فأما الضرر المادي فهو الأكثر وقوعًا ويتمثل في ما لحق بالمتضرر من خسارة وما فاته من كسب مؤكد، أما الضرر المعنوي فهو على خلاف الضرر المادي لا يُقاس بخسارة مادية أو فوات كسب محقق، وإنما له طبيعة تقديرية خاصة، و قد اتخذ المشرع السعودي موقفا واضحا حول مسألة التعويض عن الضرر المعنوي و ذلك في إطار نظام المعاملات المدنية. حيث نظّمت المادة في الفصل الثالث منها مسألة الفعل الضار و ذلم بداية من المادة 118 إلى المادة 143 و تحديدا في الفرع الرابع منه تحت عنوان ” التعويض عن الضرر”. إذ تنصّ المادة 136 على انّ:” يكون التعويض بما يجبر الضرر كاملا, وذلك بإعادة المتضرر إلى الوضع الذي كان فيه أو كان من الممكن أن يكون فيه لولا وقوع الضرر”, حيث جاء بالمادة 137 أن الضرر الذي يلتزم المسؤول بالتعويض عنه يقدّر بقدر ما لحق المتضرر من خسارة وما فاته من كسب، إذا كان ذلك نتيجةً طبيعيةً للفعل الضار. ويعدّ كذلك إذا لم يكن في مقدور المتضرر تفاديه ببذل الجهد المعقول الذي تقتضيه ظروف الحال من الشخص المعتاد.

و في هذا السياق وضّح نظام المعاملات منهجه حول مسألة الضررالمعنوي في المادة 138 حيث نصّ على أن التعويض عن الفعل الضار يشمل التعويض عن الضرر المعنوي. 

و يشمل الضرر المعنوي ما يلحق الشخص ذا الصفة الطبيعية من أذى حسي أو نفسي، نتيجة المساس بجسمه أو بحريته أو بعرضه أو بسمعته أو بمركزه الاجتماعي.

و لا ينتقل حق التعويض عن الضرر المعنوي إلى الغير إلا إذا تحددت قيمته بمقتضى نص نظامي أو اتفاق أو حكم قضائيّ, كما تقدر المحكمة الضرر المعنوي الذي أصاب المتضرر، وتراعي في ذلك نوع الضرر المعنوي وطبيعته وشخص المتضرر.

‏و قد أكد النظام أن المحكمة تقدّر الضرر المعنوي الذي أصاب المتضرر، وتراعي في ذلك نوع الضرر المعنوي وطبيعته، وشخص المتضرر.

‏وبحسب النظام، يقدّر التعويض بالنقد، على أنه يجوز للمحكمة تبعا للظروف، وبناء على طلب المتضرر، أن تقضي بالتعويض بالمثل أو بإعادة الحال إلى ما كانت عليه، أو أن تقضي بأمر مُعيّن متصل بالفعل الضار.

جدير بالذكر أن دعوى التعويض لا تسمع بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ علم المتضرر بوقوع الضرر، ولا بانقضاء عشر سنوات من تاريخ وقوع الضرر، إلا إذا كانت الدعوى ناشئة عن جريمة ولا تمتنع عن سماعها ما دامت الدعوى الجزائية لم تمتنع عن سماعها. 

بناءا على ما تقدّم يمكننا القول بأن التعويض عن الضرر المعنوي في النظام السعودي أصبح مؤكدًا ولم يعُد الحق فيه خاضعا للسلطة التقديرية للمحكمة، على أنه ينبغي التفرقة بين السلطة التقديرية الممنوحة للمحكمة في تقدير التعويض وبين انعدام السلطة التقديرية في ثبوت الحق في التعويض عن الضرر المعنوي، فثبوت الحق عن الضرر المعنوي أصبح مؤكدًا بصريح النصّ

×

Hello!

Click one of our contacts below to chat on WhatsApp

×